صدر مؤخراً للإعلامي والباحث المغربي زكرياء سحنون كتاب عنونه بـ"جوجل...من مشروع جامعي إلى شركة عملاقة"، تناول فيه تاريخ هذا المحرك ومراحل تطور المشروع من فكرة تبلورت داخل الجامعة إلى مؤسسة اقتصادية مؤثرة ثقافياً وتكنولوجياً.
ويقدم الكتاب، الذي جاء ثمرة جهد توثيقي وقراءة لمختلف مراحل إنشاء هذا المحرك العالمي، رؤية الباحث والإعلامي زكرياء سحنون المؤطرة لسياق وخلفية إنشاء أكبر محرك بحث على الأنترنت في العالم.
وحاول الباحث زكرياء سحنون تسهيل تقديم المعلومات الخاصة بالمحرك العالمي من خلال لغة مفهومة لمختلف المستويات الثقافية والتعليمية بهدف جعل معرفة هذا المحرك العالمي تصل إلى أكبر عدد من القراء الذين يستعملونه بكثرة في البحث عن مختلف المعلومات مهما كانت ميولاتهم الثقافية والفكرية.
وجاء تأليف هذا الكتاب، الذي تبلورت فكرته الأساسية منذ أكثر من سبع سنوات، نظراً لاهتمام الكاتب بتكنولوجيا الإعلام والاتصالات، حيث بدأ في الاهتمام بمجال الإبحار في الشبكة العنكبوتية منذ ربط المغرب بالأنترنت عام 1995 ومتابعته للمستجدات التكنولوجية الخاصة بالأنترنت.
ويقع الكتاب الجديد، الذي يعتبر الأول من نوعه في العالم العربي ، في 276 صفحة، وهو مجزأ إلى أربعة فصول تنقل القارئ من تاريخ الأنترنت والويب إلى محرك البحث جوجل والبيئة الحاضنة التي ساهمت في تفوق شركة جوجل (غوغل حسب تعبيرات أخرى) على المستوى العالمي.
ويتطرق المؤلف، الذي اهتم بالكتابة منذ سنة 1997 في مجال التكنولوجيا الحديثة بمقال بعنوان "الأنترنت والمواطن المغربي"، في الفصل الخاص ب "الأنترنت و الويب" إلى تاريخ الأنترنت ودور المؤسسات العسكرية والشركات والجامعات الأمريكية في تطوير بنية تكنولوجية قوية سيكون لها دور فعال في دعم تجربة جوجل.
ويبرز الجزء المعنون ب " تكنولوجيا البحث على الويب" كيف ظهرت فكرة ابتكار آليات البحث على الويب والطريقة التي تعمل بها محركات البحث على الأنترنت، مستعرضاً قراءته الخاصة لما يتصف به محرك البحث جوجل، وعمل مؤسسة جوجل، وكذا البيئة الحاضنة للمحرك الأكثر شهرة واستعمالاً على المستوى العالمي.
واعتبر الخبير الإعلامي يحيى اليحياوي في تقديمه لهذا المؤلف الجديد، أنه "كتاب غني بمعلوماته، سلس في قراءته، مرتب في أفكاره، موثق في مراجعه، ومنظوم برؤية تؤطر له السياق والخلفية".
وأوضح اليحياوي، الذي عبر عن إعجابه بمحتوى الكتاب وفرادته على مستوى البحث والتفتيش في تاريخ محرك بحث يستفرد بنسبة استعمال ومتابعة تفوق باقي المحركات المتداولة على شبكة الأنترنت، أن الكتاب مهم للغاية "ليس فقط من زاوية أنه أماط اللثام عن محرك بحث بالويب، تحول إلى شركة عملاقة في أقل من عقدين من الزمن، ولكن أيضا لأنه يؤكد بقوة أن ظاهرة جوجل، إنما تعبر عن تموجات الرأسمالية وانتقالها من رأسمالية صناعية مرتكزة على السلع والخدمات المادية، إلى رأسمالية معلوماتية، معرفية وإدراكية، تتأتى القيمة المضافة بداخلها من البحث العلمي والإبداع التكنولوجي، ومن السمو بمقام الكفاءات وقيم المجازفة والطموح".
من جهته، أبرز الباحث والإعلامي زكرياء سحنون، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه حاول من خلال هذا الكتاب الإجابة على الإشكالية التالية: "هل نجاح شركة جوجل استثناء أم هو وليد بيئة توفرت فيها الظروف والشروط الضرورية؟"، مشيرًا إلى أنه قدم رؤية تخلص إلى أن البيئة لها دور محوري في تبلور الفكرة التي يمكن القيام بمثلها في وسط حاضن ومهتم.
وأكد سحنون أنه حرص على إبراز عناصر قوة مؤسسة جوجل وعوامل نجاحها، وكيف يمكن أن تشكل هذه التجربة نموذجا يمكن أن تحتذي به الشركات والمؤسسات في العالم العربي، لا سيما أن المجال التكنولوجي يجب أن تعبد له الطريق ليكون عاملاً في التطور والتنمية الشاملة.
ويأتي الكتاب والبحث في موضوع محرك يشغل العالم، حسب زكريا سحنون، من أجل دعوة أصحاب المال إلى الاستثمار في قطاع التكنولوجيا الذي ينتظره مستقبل واعد، إذا ما سطرت من أجله استراتيجية متكاملة تستحضر الجوانب التنموية والعلمية والإشعاعية لمثل هذه المشاريع، وكذا لتحفيز الشباب العربي عمومًا والمغربي على وجه الخصوص على العمل والاجتهاد والإبداع في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وقصة جوجل هي قصة تحول فكرة إلى مشروع ناجح بشرط توفر الإرادة والرغبة والمثابرة، يقول سحنون، لأن نجاح هذا المحرك العالمي مرتبط بسياق اجتماعي وثقافي، حيث استفاد مؤسسو جوجل من رياح الحرية التي تهب على العالم الافتراضي والدعم الأسري ورجال الأعمال المؤمنين بالأفكار الخلاقة.
وجواباً عن سؤال حول السر الثقافي في نجاح جوجل، اعتبر زكرياء سحنون أن الجامعة تلعب دورا مهما كفضاء لرعاية الأفكار والابتكار التكنولوجي، مشيراً إلى أن نجاح جوجل نتاج لبيئة إدارية ثقافية ومؤسسية تشجع على الإبداع الخلاق